قول معــــــــــــروف

يقول تعالى في سورة البقرة : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى )
ويقول عز قوله وجل ثناؤه : ( قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم )
فلقد ذم ربنا جل في علاه من القول ما ليس بمعروف وما قد يترتب عليه من هزيمة نفس السائل ويضع فيها انكساراً يسبب غضبا وهما .
ولا أدري لماذا بدر في ذهني قول الرسول الرائع " صلى الله عليه وسلم " الذي وإن دل فإنما يدل على خطر الكلمة وعظيم وقعها على النفس ويدل أيضا على أن للأخوة في الإسلام مكانة لا تدانيها مكانة وحرمة لا تصل إليها حرمة حيث قال الرسول : { إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث أجل أن ذلك يحزنه } أو كما قال حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو يحرص وكذلك القرآن في الآية الثانية من أن القول الحسن وانتقاؤه هو من الصفات التي يجب أن تتوفر في المسلم إذا أراد رضا ربه عنه .
ولا يخفى ما لأثر الكلمة الطيبة من تسكين النفس والترويح عنها وإزالة همومها وغمومها
ولذلك وصانا بها القرآن ( قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) خشية أن يدخل إلى نفس السامع من الحزن ووسوسة الشيطان للنفس وألا يعطي هذا القول للشيطان مدخلا كي يدفع النفوس أن تتخذ من هذا القول ذريعة للتنازع وللغضب وأحيانا العداوة التي تنشأ بسبب كلمة ليست طيبة .
وفي الآية الأولى : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ) وصانا ربنا عند الصدقة وبذل المال للمحتاج أن يكون قولنا قولا معروفا حتى وإن ألح الطالب في طلبه وأصر السائل على سؤاله أو اعتدى في طلبه حتى فهو موضع يمتحن فيه الحليم ويُرى فيه أثر الصبر ومكانة الصابر مكانة عالية شامخة .
وأهل البساطة من أجدادنا قالوا : لا تردن سائل وإن كان على فرس ، فلو لم يكن معك ما يحتاجه السائل فلا بأس من كلمة طيبة ومعروفة مثل قولك سهل الله لك أو رزقك الله ، أو من غيرها مما يقال من صارف القول المعروف الذي لا يؤذي ، لأن الكلمة المعروفة وهي لا شك يجب أن تكون كلمة طيبة خير كما بين الله تعالى من أن تعطيه صدقة ثم تمن علبه أو تذكر بعدها أنك تعطيه حتى ولو تعريضا وتلميحا .
والقول المعروف - خير بلا شك من صرفك السائل بكلمات لا يصحبها صدقة ولا يجاورها إلا أذى فلا تغني عنك حينها أنك أعطيته صدقة أو منحته عطية .
بل على العكس فلو لم ترد عليه لكان أفضل واعقل وأرجى .
ولنعلم جميعا أننا مستخلفون وليس لنا من حطام الدنيا الزائل ولا قطمير وهي الغلافة التي تغلف نواة التمر فكل المال عارية مستردة مئالها إلى من أوجدها ومستقرها لمستودع من أطلقها.
ولقد كان في فعل الصحابة والتابعين مثالا رائعا وخلقا ساميا فلقد كانت حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت الصديق – عائشة بنت أبي بكر- تحرص على أن تطيب المال قبل الصدقة فلما سئلت عن هذا الفعل العجيب قالت : إن الصدقة تقع في يد الله قبل المحتاج فأردت أن تكون معطرة طيبة .
فياله من خلق نحتاج جميعا إليه في القول الطيب المعروف وفي الصدقة وفي المعاملة .
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وممن يقولون خيرا ويفعلون خيرا ويرون خيرا ويصحبون بمعروف .

جزاك الله عنا خير الجزاء

بارك الله فيك .